تأثير دوبلر
|
عندما تمر من أمامك سيارة مسرعة تلاحظ أن صوت محركها أثناء قدومها يبدو مختلفا عن صوته أثناء ابتعادها وذلك يعود الى ما يسمى " بتأثير دوبلر" نسبة لجوهان كريستيان دوبلر أستاذ الرياضيات الذي اكتشف هذه الظاهرة عام 1842.
وتفسر هذه الظاهرة بأن تردد الصوت الذي يصل الى سمعك يكون أعلى عندما تتحرك السيارة مقتربة منك عن قيمته اذا كانت السيارة تتحرك مبتعده عنك, وهذا يعني أن عدد القمم (قمم الموجة) التي تصلالى الأذن يكون أكبر اذا كانت السيارة قادمة نحوك من عددها اذا كانت السيارة مبتعدة عنك في حقبة زمنية واحدة. المسافات بين الأمواج تحدد تردد الموجة. فبالنسبة لك كلّما كانت الأمواج متباعدة أكثر كلما كان ترددها أقل, الصوت قادم إليك بسرعته المعروفة "340 م\ث" وكذلك هي السيارة مما يجعل الأمواج تبدو وكأنها مضغوطة على بعضها البعض من وجهة نظرك, وعندما تبتعد السيارة عنك تتمدد الأمواج أكثر لأنها ستحتاج مدة زمنية أكبر لتصل إليك وذلك لأنها تنتقل عكس حركة السيارة, فالسيارة التي أحدثت الصوت أصبحت أبعد الآن. ولهذا فإن الامواج تتمدد.
تبعا لهذه العلاقة سيكون من الممكن إحتساب التردد الظاهري للموجة من خلال ترددها الأصلي وسرعة مصدر الموجة حيث أن:
f: هو ترددها الظاهري بالنسبة لأذن المراقب.
:foترددها الأصلي أو بالنسبة لمصدر الموجة.
:Vs,r سرعة مصدر الأمواج نسبة للمراقب وهي سالبة إذا كان المصدر مبتعداً.
V:سرعة الأمواج "الصوتية " في الوسط.
وهذه الصورة تبين كيف أن موجة صوت محرك السيارة الحمراء نسفها ستكون مختلفة عند أذن كل من المشاهدين الأزرق والأرجواني فالأول تبتعد السيارة عنه, فتمددت موجة الصوت عنده (تردد أقل), والآخر تقترب السيارة منه فبدت له مضغوطة أكثر (تردد أعلى). بينما هي في الحقيقة كما يسمعها السائق أكثر تردداً من الأول و أقل تردداً من الثاني.
ماذا عن سائر الموجات؟
بما أن تأثير دوبلر لم يستخدم من الصوت الا تردده وسرعة انتشاره كونه موجة صوتية فهل سيكون ممكنا تطبيقه على سائر الموجات؟ وخاصة على تلك التي لا يحتاج انتشارها لوسط ميكانيكي كما يفعل الصوت؟ وماذا عن الضوء؟ وهل لذلك علاقة بنسبية آينشتاين؟
في الحقيقة تأثير دوبلر يطبق على الموجات الأخرى ولكن هناك ما وجب معرفته قبل ذلك:
- أولاً: تردد الموجة هو عدد تكرارها في الثانية الواحدة.
- ثانياً:سرعة الموجة تتعلق بطبيعة الموجة وبطبيعة الوسط حيث تنتشر, فمثلا "340 م في الثانية" هي سرعة الصوت في الهواء و" 300000 كم في الثانية " سرعة الأمواج الكهرومغناطسية في الفراغ والصوت يعتمد على الوسط المحيط كي ينتشر بينما الضوء يكون المحيط عائقا أمام سرعته الهائلة.
- ثالثا:لون الضوء الذي نراه متعلق بتردده فالأحمر هو أقل الأضواء ترددا يليه الأصفر فالأخضر ثم الأزرق...
- رابعا:ظاهرة إخراق جدار الصوت تحدث عندما تتراكم الأمواج الصوتية أمام المركبة نتيجة سرعتها الموازية لسرعة انتشار الصوت في الوسط المعني, فهنا يحدث تغير حقيقي لسرعة الصوت و لتردده.
أما بالنسبة للموجات الكهرومغناطسية فالأمر مختلف, فتبعاً لنسبية آينشتاين سرعة الضوء في الفراغ ثابتة مهما كانت سرعة المراقب أو المصدر المضئ, بالتالي لن تواجه سرعة الموجة أي تغير يذكر, ولكن ترددها سيتغير, بالتالي ستبنى علاقة ما بين سرعة المصدر المضئ بالنسبة لمراقب ما وتردد الموجة على النحو الآتي :
C: سرعة الأمواج الكهرمغناطسية في الفراغ "300000كم\ث"
وكما يحدث للصوت, إذا كان مصدر الضوء يبتعد فتردد إشعاعات ضوئه سيكون أقل مما إذا كان يقرب من مراقب ما. إذا كان تردد موجاته الضوئية سيتغير, سيتفسر ذلك إذاً بتغير في لون ضوئه: فإذا كان مبتعدا ستصغر قيمة تردده مما يجعله يبدو أكثر احمراراً, والعكس إذا كان مقتربا.
في الحقيقة هذه كانت فكرة "دوبلر" من البداية في تفسيره إختلاف الألوان بين النجوم. فأرجع ذلك لاختلاف بين سرعاتها بالنسبة للأرض, ولكن ما لبث أن عدل عن فكرته لأن ضوء النجوم كما نعلم حاله حال ضوء الشمس يحوي من الترددات: ما يمكن رؤيته وما لا يمكن, فإذا انزاح أحد ألوانه إلى الأحمر, سينزاح الآخر والغير مرئي منه نحو الأزرق, ولن يكون بالتالي ممكناً تمييز الفرق إذا اعتمدنا فقط على ما نراه, أضف الى ذلك مشكلة الألوان الناقصة أو الخطوط المعتمة التي حيرت العلماء آنذاك.
ولكن بعد أن تم تفسير الخطوط المعتمة التي تظهر في الطيف القمري, حيث كان لكل خيط معتم تردد محدد "أي لون محدد ناقص" على أنها نتيجة إمتصاص لخط "تردد موجوي" محدد. إذ أن كل عنصر من العناصر الطبيعبة يمتص تردداً محدداً ليكون قادراً على الانتقال من حالة طاقة الى حالة أعلى من سابقتها, وذلك لأن حالات الطاقة عند العناصر متقطعة ولكل تردد قيمة طاقة محددة. فإذا ما كانت قيمة الطاقة التابعة لتردد ما مساوية للفارق بين حالتين من الطاقة لعنصر محدد يقوم هذا الأخير بامتصاص الضوء المعني بهذه الطاقة.
وبعد هذا الإكتشاف العظيم لطبيعة الأطياف الضوئية أمكن معرفة العناصر التي تشكلت منها الشمس وذلك عبر دراسة الطيف الضوئي التابع لها. ومن خلال دراسة الأطياف الضوئية التابعة للنجوم الاخرى ومقارنتها بالطيف الشمسي تبين بما لا يترك مجالاً للشك ان الخيوط المعتمة التابعة للنجوم واجهت تأثير دوبلر.
فمثلا دراسة طيف النجم كابيلا العنزة تبين أن خطوطه المعتمة تطابق طيف الشمس مع إنحراف محدد نحو الاحمر هو 0.01 %. وإن دل ذلك على شئ فهو أن النجم أعلاه يبتعد عن كوكب الأرض بسرعة تبلغ 0.0001 من سرعة الضوء أي 30 كم\ث .
هذه الطريقة في قياس سرعات النجوم دقيقة جداً, حتى لو كان النجم بعيداً جداً, طالما أن ضوئه يصل الينا صار ممكنا جعل نظرية دوبلر تتكفل بالباقي لتجلب لنا سرعته مع سبعة أو ثمانية أرقام دقيقة بعد الفاصلة, فتردد الخطوط الطيفية تعيّن بدقة عالية جداً. وباستخدم هذه الظاهرة يمكننا أيضا معرفة المسافة التي تفصلنا عن النجم الذي درسنا طيفه, وذلك اذا قدرنا اتجاه حركته بالنسبة الينا.
بعض التطبيقات العمليّة للنظريّة :
في الفلك: لقد كان عالم الفلك الأمريكي "هابل" أبرز من أفاد من هذه النظريه عام 1929 في رصد النجوم، واكتشف أن مجرة "أندروميدا" تقع خارج مجرتنا المعروفة بـ"درب التبانة" ولا تنتسب إلينا. ثم رصد هابل السماء ووجد العديد من تلك المجرات البعيدة. وكانت دهشته كبيرة عندما وجد عن طريق ظاهرة دوبلر أن كل تلك المجرات تبتعد عنا بسرعات عظيمة وفي جميع الاتجاهات، ووصل لهذا التفسير عندما وجد أن أطياف تلك المجرات منزاحة بدرجات متفاوتة نحو اللون الأحمر، فكان هذا الاكتشاف اكتشافا عظيماً، إذ عرفنا أن الكون يأخذ في الاتساع، وتغيرت صورة الكون من وقتها عند الإنسان حيث كان في اعتقاد العلماء أن حجم الكون ثابت لا يتغير ثم على هذا الاساس بنيت نظرية الانفجار العظيم (Big Bang) الشهيرة.
رادار دوبلر: يتم استخام تأثير دوبلر في بعض أنواع الرادارات لقياس سرعة الأجسام. على سبيل المثال استخدام الشرطة رادار لكشف سرعة سائقي السيارات وهي تقترب أو تبتعد من موقع الرادار.يطلق الرادار حزمة من الامواج نحو هدف متحرك, كل موجة من موجات الرادار المتعاقبة عليها أن تقطع مسافة أبعد من سابقتها للوصول إلى السيارة، قبل أن تنعكس ليتم رصدها, عندها تكبر الفجوة بين الامواج, مما يزيد من الطول الموجي ويقلص التردده. هذا إذا كانت السيارة تبتعد, والعكس إذا كانت تقترب. وفي كلا الحالتين عبرمبادىء تأثير دوبلر تحدد بدقة سرعة السيارة.
كما يستفاد من ظاهرة دوبلر في مجال التصوير الطبي و قياس تدفق الدم وغير ذلك.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق